وكما عرفنا من البوست السابق أن بريطانيا كانت قد وعدت الشريف حسين بتكوين دولة عربية تضم الاقاليم العربية التي كانت تحت الحكم العثماني وهي الحجاز والعراق وسوريا وفلسطين ، وذلك في مقابل اعلان الثورة العربية ضد الأخلافة الأسلامية والتعاون معها في الهجوم على سوريا وفلسطين، وقد كان واطمأن الشريف حسين للوعود البريطانية ..
فاعلن الثورة العربية في 9 شعبان 1335 (تموز 1916 )، الا ان هذه الوعود اصطدمت باتفاقية سايكس بيكو عام 1916 ، التي اقر فيها البريطانيون باستيلاء فرنسا على سوريا ولبنان مقابل اشتراكها في الحرب . واصطدمت بوعد بلفور لليهود عام 1917 باعطائهم فلسطين وطنا قوميا مقابل حمل اليهود لامريكا بالمشاركة في الحرب إلى جانب الحلفاء، كما اصطدمت برغبة حكومة الهند البريطانية بالسيطرة على العراق باعتباره جزءا من منطقة الخليج الذي يجب ان يكون امتدادا للهند . . الدرة الكبرى في التاج البريطاني.اما العراق، فقد حلت موضوعه الثورة العراقية التي اجبرت بريطانيا على اعطائه نوعا من الاستقلال تحت تاج الملك فيصل بن الحسين، وأما سوريا ولبنان فقد احتلتهما الجيوش الفرنسية وحلت الحكومة العربية فيها بعد معركة ميسلون في 25 تموز سنة 1920 .اما فلسطين .. فقد ظل الصهاينة يضغطون على بريطانيا بتنفيذ وعد بلفور وتؤيدهم أمريكا بقوة، وقد حاولت بريطانيا ان تقنع الملك حسين باعطاء فلسطين لليهود في مقابل تشكيل امارة في شرق الاردن يكون ابنه عبد الله اميرا عليها، ولكن الملك لم يقنع بكل المحاولات البريطانية واصر على توحيد البلدان العربية الآسيوية كلها في دولة عربية واحدة، تنفيذا للوعد البريطاني المعطى له .وقد وجدت بريطانيا الحل الوحيد لهذا الاشكال في ازالة الشريف حسين والخلاص بذلك من الوعد القديم،ولقد أستعانت بـ صقر الجزيرة للخلاص منه
صقر الجزيرة
أولا من الصعب التحدث عن هذة الفترة بدون ذكر فيلبي جنبا الى جنب مع صقر الجزيرة لما له من دور في توجيه الأحداث نابع من كونه جاسوس بريطاني دوره يتلخص في جعل الاحداث تسير في أتجاه مصلحة اليهود وبريطانيا. ولنعود لـــ ..
«صقر الجزيرة» هو الاسم المتعارف عليه في ملفات المخابرات البريطانية لعبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود
وكان ابن سعود هو الحربة التي وجهتها بريطانيا لقلب الحكم الهاشمي في الحجاز عام 1924 .
فقد قامت بريطانيا بأرسال جاسوسها فيلبي في مهمة أخذت أتجاهين، الاول هو فتح الضوء الاخضر امام ابن سعود لمهاجمة الحجاز وتقديم الدعم العسكري الممثل في المعدات والاسلحة، والمجال الثاني هو سفره إلى جدة عام 1925 بحجة التوسط بين الخصمين المتحاربين (الشريف حسين و بن سعود) في الوقت الذي ظل يعمل فيه تحت الحماية البريطانية على خلق طابور خامس لصالح ابن سعود، وبث روح الهزيمة بين سكان جدة ومواطنيها، وتثبيط عزيمة الحكم الهاشمي عن مواصلة الحرب بجدية والاعتماد على وعود بريطانيا بالوساطة ، وجمع المعلومات عن جيش الحجاز وقدراته العسكرية وخططه وارسالها لابن سعود بواسطة السفارة البريطانية عن طريق القاهرة والخليج.وبعد ان انهى فيلبي مهمته في جدة غادرها في اليوم الثالث من كانون الثاني 1925 ، وفي اليوم التالي لمغادرته لجدة بدأ قصف بن سعود لها ، وعاد فيلبي إلى ابن سعود ليلتقي به في الشميسي بالقرب من مكة.ويذكر فيلبي عن نفسه انّه قال لابن سعود في هذا اللقاء (ان جدة من الناحية العسكرية عاجزة عن الصمود ، كما اكدت له ان غالبية اهلها يريدون نهاية سريعة
ـ في اواخر كانون الاول عام 1925 استسلمت جدة لابن سعود، فانتهت مرحلة من مراحل فيلبي التي تتلخص في رسم الخطوط الاولية للخريطة السعودية ، وبدأت المرحلة الثانية التي يتولى فيها توجيه السياسة الادارية والداخلية والعلاقات الخارجية للدولة السعودية الجدية، والبقاء إلى جانب ابن سعود كمندوب لبريطانيا فوق العادة وكمستشار خاص له .ومع بداية عام 1926 اصبح فيلبي المستشار الخاص الدائم لابن سعود،
بتوحيد الحجاز مع نجد في دولة موحدة .. بعد ان كان الحجاز مملكة ونجد سلطنة، وكان لقب ابن سعود تبعا لهذا التوزيع (ملك الحجاز وسلطان نجد) ، فاقترح فيلبي لها اسم المملكة العربية السعودية،
وكان فيلبي جريئا في التعبير عن آراء ابن سعود التي لا يكشفها الاللبريطانيين وحدهم، أو التي يستجيب فيها لرغبتهم، ومن ابرز هذه المواقف اعلانه عن موافقة ابن سعود على مشروع تقسيم فلسطين بين الصهاينة والعرب، وعن هذا الموضوع يقول في الصفحة 414 من كتابه (اربعون سنة في الصحراء )
و في سنة 1939 اناط به عبد العزيز الاشراف على جهاز مواصلاته، وفي هذه السنة اوفده مع ابنه الأمير فيصل كمستشار إلى لندن لحضور مؤتمر دعت إليه بريطانيا لبحث قضية فلطسين، على اثر الثورة الفلسطينية الكبرى .
اثناء حضوره مؤتمر لندن مع الأمير فيصل، فقد اقترح تسليم فلسطين كلها للصهاينة في مقابل ما سماه استقلال البلاد العربية كلها
حقيقة إسلام فيلبي
بعد ان استقر الوضع في الجزيرة العربية لصالح ابن سعود، فكر فيلبي ان لا يترك فرصة الا ويكون فيها قريبا من ابن سعود،ولكن مسيحيته كانت عائقا دون مرافقة الملك اثناء وجوده في مكة المكرمة، وكان مقام الملك يطول فيها، بحكم كون مكة آنذاك العاصمة الدينية والادارية لمملكة ابن سعود، ولذلك كان الحل في رأي فيلبي وابن سعود معا ان يتظاهر بالاسلام، ليصبح في امكانه دخول المشاعر المقدسة. فتوجه فيلبي مع ثلاثة من كبار رجال ابن سعود ـ هم وزير المالية عبد الله السليمان ومدير عام الخارجية فؤاد حمزة وصالح العنقري احد المطاوعة ـ إلى البيت العتيق في مكة، فطاف وسعى وأعلن اسلامه على الملأ ، وكان ذلك في السادس من آب 1930 .
ولقد كان على بن سعود أن يفي بالجزء الخاص به من الصفقة بينه وبين البريطانين . وهى كما ذكرنا أن أساس الاتفاق لإنشاء الوجود السعودي أن تقوم سياسة آل سعود علي عدم تدخلهم بأي شكل من الأشكال ضد مصالح بريطانيا أواليهود في البلاد العربية والإسلامية وأهمها فلسطين . وقد كان وألينا بعض مواقف آل سعود بخصوص القضية الفلسطينية
موقفهم من قرار تقسيم فلسطين
عندما قام رؤساء الوفود العربية في هيئة الأمم المتحدة عشية الموافقة على قرار تقسيم فلسطين عام (1948) بأرسال برقية إلى الملك السعودي يلحّون عليه بإصدار تصريح ؛ مجرد تصريح ـ يهدّد فيه بقطع البترول إذا صوّتت أمريكا على التقسيم واعترفت بإسرائيل.
فماذا كان ردّ الملك؟
كان أن أعطى تصريحاً معاكساً قال فيه:
«إنّ المصالح الأمريكية في السعودية محميّة ، وان الأمريكيّين هم من «أهل الذمّة»، وإنّ حمايتهم، وحماية مصالحهم واجب منصوص عليه في القرآن الكريم!».
«وكان الملك عبد العزيز يعلن أن العرب سوف يخضعون لتقسيم فلسطين إذا فرضته دول عظمى.. مع ضمان إسكان أهلها الذين سيخرجون منها بطريقة كريمة»!. فكان من رأي الملك أنه لا يرى في فلسطين ما يستحق أن يحمله على شل علاقته ببريطانيا وأمريكا».
وهكذا تمّ تقسيم فلسطين، وإقامة إسرائيل، واعتراف أمريكا بالدولة المغتصبة بعد إعلان قيامها بدقيقة واحدة دعم آل سعود لليهود في مواجهتهم مع مصر
فعندما صرح الملك فيصل بنوع من التحدّي والتفاخر، حينما قال: إن قرابة آل سعود لليهود هي قرابة «سامية»!.. وذلك من خلال تصريحاته لصحيفة «واشنطن بوست» في (17) سبتمبر (1969م) التصريحات التي تناقلتها عدد من الصحف العربية ومنها«الحياة» البيروتية بقوله
:«إنّنا واليهود أبناء عم خلّص، ولن نرضى بقذفهم في البحر كما يقول البعض (في أشارة لمصر) بل نريد التعايش معهم بسلام»!.. واستدرك يقول: «إنّنا واليهود ننتمي إلى «سام» وتجمعنا السامية كما تعلمون ، إضافة إلى روابط قرابة الوطن ، فبلادنا منبع اليهود الأول الذي منه انتشر اليهود إلى كافة أصقاع العالم».
وهكذا أن حكام آل سعود غارقون في اتصالاتهم مع أعداء الأمة منذ نشأة دولتهم التي أقامها الإنجليز ودعمها الأمريكان
هنا أريد أن أضيف شئ أننا هنا نتكلم عن جكام جاء بهم الغرب وقدم لهم الدعم ليكونوا أدواتهم في السيطرة على الأمة الأسلامية. وأني لا أقصد أي شعب من شعوب أمة الأسلام . وأن كنت لا أعفي تخاذلهم وسكوتهم على هذا الهوان.